"يوميات سجين".. رحلة ساركوزي من أسوار السجن إلى صفحات الاعتراف

"يوميات سجين".. رحلة ساركوزي من أسوار السجن إلى صفحات الاعتراف
ساركوزي بين الحرس القضائي

في خطوة تعكس رغبة واضحة في استعادة صوته وسط ضجيج الاتهامات، أعلن الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي عن صدور كتابه الجديد يوميات سجين في العاشر من ديسمبر المقبل، ويأتي هذا الإعلان بعد أيام من خروجه من سجن لا سانتيه الباريسي، حيث أمضى ثلاثة أسابيع في حبس احتياطي على خلفية إدانته بقضية تمويل حملته الانتخابية بأموال ليبية غير مشروعة.

واختار ساركوزي أن يواجه تجربته القاسية في السجن على طريقته الخاصة، بحسب ما أوردته صحيفة "لوموند" فقد نشر مقتطفات من كتابه عبر منصة "إكس"، كاشفاً عن مشاهد عاشها في زنزانته الضيقة، ويصف في إحدى الصفحات شعوره بالعجز أمام الصمت الذي لا يتحقق إلا في الخيال، في حين يحاصر السجين ضجيج لا ينطفئ، في مفارقة تكشف جانبًا إنسانيًا لرجل كانت السلطة تحيطه بالضوضاء من كل اتجاه.

تحاول هذه الصفحات، كما تفسر صحيفة "لوموند"، تحويل الجرح السياسي إلى تأمل داخلي، وكأن ساركوزي أراد من الكتاب أن يكون مساحة لمصالحة ذاته قبل أن يواجه محاكمته المقبلة.

لا يأتي نشر الكتاب في هذا الوقت صدفة، فبحسب تقارير الصحف الفرنسية، يسعى الرئيس الأسبق إلى تقديم روايته قبل جلسات الاستئناف المنتظرة، مستفيدًا من الاهتمام الإعلامي المحيط بقضيته، كما أن طرحه في ديسمبر يضعه ضمن موسم القراءة الأكثر نشاطًا، حيث يتجه الكثيرون إلى شراء الكتب خلال عطلة الأعياد.

جذور الأزمة

تعود الأزمة إلى قرار محكمة الجنايات في باريس التي أدانت الرئيس الفرنسي الأسبق ساركوزي في الخامس والعشرين من سبتمبر الماضي بتلقي تمويل غير شرعي من ليبيا لدعم حملته الرئاسية عام 2007.

واتهمته المحكمة بالتحريض على الحصول على الأموال والإشراف على انتقالها عبر مساعديه، وصدر بحقه حكم بالسجن خمس سنوات مع أمر قبض فوري، إضافة إلى غرامة مالية كبيرة.

عندما أودع ساركوزي الحبس الاحتياطي في الحادي والعشرين من أكتوبر، وجد الفرنسيون أنفسهم أمام مشهد غير مسبوق في تاريخ جمهوريتهم الحديثة. فقد أصبح أول رئيس سابق يدخل السجن، ما أطلق موجة واسعة من النقاشات القانونية والسياسية.

ووفق صحيفة ليبيراسيون، قضى ثلاثة أسابيع داخل سجن الصحة قبل أن تصدر محكمة الاستئناف قرار الإفراج عنه.

إفراج محكوم بالرقابة

في العاشر من نوفمبر، أفرجت محكمة الاستئناف عن ساركوزي مؤقتًا بعد تقييم اعتبر أنه لا يشكل خطر فرار أو تهرب من حضور الجلسات اللاحقة، وقد وضعته تحت رقابة قضائية مشددة.

من جانبه، يواصل ساركوزي إعلان براءته، معتبراً أن حكم السجن جاء قاسيًا ومتسرعًا، في حين تشير لوموند إلى أن المحكمة بررت قرار القبض الفوري بالخطورة الاستثنائية للجرائم المنسوبة إليه، في حين يراها ساركوزي قرارات مشوبة بالعداء.

لم يغلق الملف بعد، فاستئناف ساركوزي للحكم أعاد القضية إلى الواجهة من جديد، وتستعد محكمة الاستئناف في باريس لجلسات محاكمة تمتد من السادس عشر من مارس حتى الثالث من يونيو المقبلين، لتحدد مسارًا جديدًا في واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في الحياة السياسية الفرنسية المعاصرة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية